![]() |
ما حكم إهمال الزوجة لزوجها ورفع صوتها عليه؟ دار الإفتاء المصرية تجيب |
في ظل المتغيرات الاجتماعية السريعة والانفتاح المتزايد عبر وسائل الإعلام والإنترنت، يبدو أن العلاقات الزوجية تواجه تحديات جديدة لم تكن مألوفة في المجتمع الشرقي والمسلم. من بين هذه التحديات تبرز مشكلة إهمال الزوجة لزوجها ورفع صوتها عليه، وهو سلوك بات يثير العديد من التساؤلات حول مدى تأثير هذه التصرفات على العلاقة الزوجية، ودورها في تعكير صفو الحياة الأسرية. فهل يقع اللوم فقط على الزوجة؟ أم أن هناك أبعادًا أخرى تستحق النظر؟
ما حكم إهمال الزوجة زوجها وعلو صوتها عليه؟
سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية من خلال البث المباشر عبر صفحتها الرسمية على "فيس بوك". وأجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، بأن الاضطرابات في العلاقات الزوجية باتت أكثر شيوعًا في الآونة الأخيرة، حيث يبدو أن مؤثرات خارجية مثل الإعلام والانترنت تلعب دورًا في هذه التغيرات. وقد أشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، مؤكدًا على أهمية أن تتعامل الزوجة مع زوجها بهدوء واحترام، وعلى الرجل بالمقابل أن لا يؤذي زوجته أو يسيء إليها.
مواجهة المغالاة في تكاليف الزواج
أعلن المركز الإعلامي لمجمع البحوث الإسلامية عن إطلاق مبادرة بعنوان "لتسكنوا إليها"؛ تهدف إلى تيسير الزواج ومواجهة المغالاة في تكاليفه، وفق توجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف. وأوضح الدكتور نظير عياد، الأمين العام للمجمع، أن المبادرة ستمر بثلاث مراحل تهدف إلى تسهيل الزواج وتقليل تكاليفه.
الطلاق العاطفي.. ظاهرة متنامية
تزايدت حالات الطلاق العاطفي، حيث يستمر الأزواج في العيش معًا تحت سقف واحد دون وجود رابط نفسي أو عاطفي بينهم. هذا الأمر ينعكس سلبًا على الأطفال الذين ينشأون في بيئة تفتقر للمودة والرحمة، مما يؤدي إلى تأثيرات نفسية سلبية عليهم.
قصص من الواقع
استعرض التقرير بعض القصص الواقعية للأزواج الذين يعيشون حالة من الطلاق العاطفي، إذ أشار الزوج هيثم مريش إلى أن المشاكل المادية كانت من أبرز أسباب الطلاق العاطفي في زواجه، مما أدى إلى تشاحن دائم وغياب الحوار والتفاهم. من جهة أخرى، تحدثت كارولينا سابا عن تأثير خيانات زوجها عليها، مشيرة إلى أن الضغوط الاجتماعية والتقاليد العائلية منعتها من الطلاق الفعلي.
تأثيرات الطلاق العاطفي على الأطفال:
وأشارت سوزان حطيط، الاستشارية في العلاقات الأسرية، إلى أن الطلاق العاطفي له تأثيرات نفسية كبيرة على الأبناء.
يعتبر الطلاق العاطفي من أكثر الأسباب التي تساهم في تدهور العلاقات الأسرية، حيث يعاني الأطفال من الفجوة العاطفية التي تظهر نتيجة انفصال الأبوين عاطفيًا رغم وجودهما في المنزل. يتسبب هذا الوضع في شعور الأبناء بالعزلة وفقدان الثقة بالنفس، كما يعرضهم لمشاكل نفسية قد تستمر معهم لفترات طويلة. ووفقًا للاستشارية في العلاقات الأسرية، سوزان حطيط، فإن الأطفال الذين يكبرون في بيئات تفتقر للمودة يعانون من آثار نفسية سلبية تتطلب تدخلًا للتخفيف من حدتها.
وأكدت حطيط أن الطلاق العاطفي أصبح من الظواهر الأكثر شيوعًا في المجتمع الحالي، حيث يفضل الكثير من الأزواج الاستمرار في حياتهم الزوجية الشكلية للحفاظ على المظهر الاجتماعي، أو لحماية أبنائهم من الضياع والتشرد. ولكن هذه الظاهرة تظل محاطة بالكثير من الألم، خاصة وأنها تلحق الأذى بالجميع دون استثناء.
مستقبل العلاقات الزوجية في ظل هذه التحديات:
مع تزايد التحديات المادية والاجتماعية التي تؤثر على الحياة الزوجية، يبدو أن الحاجة إلى فتح حوار جديد حول مفهوم الزواج والعلاقات العاطفية باتت ضرورة ملحة. فالتفاهم المتبادل، والاحترام المتبادل، والسعي إلى تعزيز التواصل بين الزوجين، هي أساسيات لا غنى عنها لضمان استقرار العلاقة الأسرية واستدامتها، بعيدًا عن مظاهر التفاهم السطحي والانفصال العاطفي.
ومع تزايد التوجهات نحو الحلول الاجتماعية والدينية التي تدعو إلى تقليل تكاليف الزواج وتسهيله، يتضح أن المجتمع يحتاج إلى تعزيز قيم التفاهم والحوار بشكل أعمق داخل الأسرة، لضمان الحفاظ على استقرارها.
أهمية التفاهم والحوار في العلاقات الزوجية
في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه العلاقات الزوجية، يتضح أن غياب الحوار والتفاهم يؤدي إلى نشوء فجوات عاطفية كبيرة بين الزوجين، ما يعزز من احتمالية حدوث الطلاق العاطفي. يعتبر التفاهم المتبادل حجر الزاوية في بناء علاقات زوجية ناجحة ومستقرة، حيث يساعد الحوار المستمر على حل المشاكل وتجنب تراكم المشاعر السلبية. وعلى الرغم من تأثير العوامل الخارجية مثل الضغوط المادية والتدخلات الأسرية، يظل الحوار المفتوح وسيلة فعالة لتقريب وجهات النظر وتفادي الانفصال العاطفي.
دور الدين والمجتمع في تعزيز الاستقرار الأسري
تلعب المؤسسات الدينية والاجتماعية دورًا كبيرًا في توجيه الأزواج نحو الحفاظ على استقرار العلاقة الزوجية. فقد أطلقت المؤسسات الدينية، مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، مبادرات تهدف إلى تعزيز قيم الاحترام المتبادل بين الزوجين وتجنب التسرع في الطلاق. كما تعمل هذه المبادرات على التخفيف من المغالاة في تكاليف الزواج، والتي تعتبر من الأسباب الرئيسية التي تزيد من الضغوط المادية على الأزواج وتساهم في تدهور العلاقات الزوجية.
الخاتمة
إن إهمال الزوجة لزوجها وعلو صوتها عليه ليس مجرد تصرف قد يُنظر إليه على أنه مخالفة للقيم الأسرية، بل هو جزء من مجموعة أكبر من المشاكل التي تتطلب حلولًا جذرية. مع التغيرات التي يشهدها المجتمع، يجب أن يتم توجيه الجهود نحو بناء أسس صحيحة للتفاهم والحوار داخل الأسرة لضمان استمراريتها بعيدًا عن مظاهر التوتر والانفصال العاطفي.
المصادر: